لماذا يلجئ البشر لخيار الحروب لحل خلافاتهم؟
على مدار التاريخ البشري إندلعت الكثير والكثير من الحروب، تصبح الحرب خياراً مطروحاً عندما تفشل الوسائل السلمية في حل النزاع والخلاف، تندلع الحروب غالباً لعدة أسباب مختلفة مثل الخلاف الديني أو المذهبي أو الطائفي،أو العرقي وإثني ولكن هنالك في الغالب سبب واحد رئيسي،ومُبطن بغلاف كل تلك الأسباب السابقة؛ وهو الحرب من أجل السيطرة على الموارد والثروات،والنفوذ.
إختلفت مع تطور وتقدم التاريخ البشري الوسائل والأسحلة التي إستخدمها البشر في حروبهم،كلما زاد تقدم وتطور الإسلحة والوسائل المستخدمة في هذه الحروب، زاد معها طردياً مقدار العنف والدمار والخسائر في الأرواح والممتلكات.
_هل الحروب تندلع بسبب الحكام،أم الشعوب؟
مع كل نهاية حرب هل من الثابت وجود طرف منتصر يحظى بالغنائم والمكاسب؟ وطرف مهزوم تلحق به فقط الخسائر في الأرواح والممتلكات؟.ولكن من الذي يُحدد من سنحارب؟ ولماذا نحارب؟ ولصالح من هذه الحرب؟ والسؤال المهم أيضاً من الذي يحدد ساعة الصفر؟وهل يمكن تحديد تاريخ نهاية الحرب؟ هذا هو الاهم
_حرب جيش الدولة ضد مليشياتها:
إندلعت في السودان الكثير من الحروب في التاريخ القديم والحديث،والمعاصر منه أيضاً؛ منها ما هو عبارة عن حروب ضد عدو خارجي، ومنها حروب داخلية بين جيش “السُلطة”وجهات أخرى كانت لديها خلافات مع هذه “السُلطة”. كل تلك الحروب بمختلف أزمنتها و أنواعها، كانت العوائد والمكاسب والغنائم تصب في مصلحة”فئة”معينة،وكانت بالمقابل فاتورة الخسائر فيها دائماً تدفعها “فئات” أخرى هي الأكثر ضعفاً ومن ثم معاناة، وهذه الفئة للأسف هي تحديداً “الشعب” أي عموم الناس.
_حرب فئة كبار ضباط الجيش ضد الدعم السريع؟ أم حرب برهان ضد حميدتي؟أم حرب الثورة المضادة ضد نفسها؟
في البدء ماهو موقف كل هؤلاء من ثورة ديسمبر؟هؤلاء كلهم يمثلون الثورة المضادة ومصالحها، فبتالي حربهم هذه لا تعنينا نحن معشر الثورة في شئ. لناتي الى الشرح لهذه الحرب ثلاثة نتائج لا رابع لها؛ وهي أما إنتصار الجيش على الدعم السريع؛أو إنتصار الدعم السريع على الجيش،أو يكون الخيار هو الجلوس على كرسي التفاوض.كل تلك الإحتمالات السابقة وبدرجات متفاوتة ستكون خصماً على الشعب لا شك في ذالك،هذان العدوان هم في الأصل عدو واحد ومشترك للشعب،في حال إنتصار إحدهما على الآخر أو إتحادهم الإثنين معاً ضد مصالح هذا الشعب.
بحسب تجاربنا السابقة مع الطرفين يمكننا توقع ماذا سيفعل المنتصر منهم في أول أيام إنتصاره؛ يمكننا منذ الآن توقع ظهور المنتصر في شاشات التلفاز مرتدياً أحد البِدل العسكرية المليئة بالأوسمة والنياشين، والقول بملئ الفيه: “نعلن فرض قانون الطوارئ، و فرض حظر التجوال،وعودة جهاز الأمن وبصلاحيات وإمكانيات قمع أكبر وتقيدالحركة”وبالطبع منع حق الناس في التظاهر والتعبير السلمي؛والمُبررات بالتأكيد هنا ستكون “هشاشة الدولة” والحفاظ على الأمن الداخلي؛أن للثورة المضادة خطاب واحد تعرفه وتجيده،وهو خطاب العنف والتخويف،والموت.
فبتالي إنتصار أحد طرفي الصراع،أو توحدها بعد التفاوض لا يعني قوى الثورة في شئ، فهؤلاء جميعاً تتقاطع مصالحهم الشخصية الضيقة ضد مصالح الأكثرية من الشعب،هم يسعون فقط من أجل الإستحواذ على أكبر قدر من الموارد والثروات، مهما أدعوا زيفاً غير ذالك.
_الدرس الذي يمكننا تعلمه من هذه الحرب هو أن جهاز الدولة هذا هو جهاز هش، وأن الدور الذي كانت تقوم به الدولة بكامل طاقمها وجبروتها، يمكن جداً أن تقوم به مجموعة التشكيلات الإجتماعية التي إنتجتها حديثاً ثورة ديسمبر. فمثلاً الدور الذي كانت تؤديه الشرطة في مجال حفظ الأمن، أصبحت الآن تقوم به دوريات يكونها الأهالي بنفسهم في الأحياء، وأيضاً الدور الذي كانت تقوم به وزارة
الصحة،أصبحت الآن تقوم به الغرفة الطبية للجنة الحي وبواسطة مجهود وعون ذاتي من الأهالي وبهيكل إداري جديد.والدور الذي كانت تقوم به مؤسسة هيئة المياه مثلاً، أصبحت مهمة القيام به هي لشباب الحي الذين يقومون بتوزيع المياه بأنفسهم للمنازل،أنشأت أيضاً لجان الأحياء غرفة تقوم بمهام دور الرعاية الإجتماعية لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً والتي إذدادت أوضاعها سوءاً بسبب حرب الجنرالات هذه، والكثير غيرها من المهام الحيوية التي هي أساس وجود أي جهاز دولة.ساهمت هذه الحرب وبشكل كبير في تحطيم “أسطورة” جهاز الدولة في أذهان الناس، هذا الجهاز العفن المترهل الذي أصبح من الممكن جداً لدى الناس إستبداله فعلياً ب”دولة الحي”.
_من هذا المنطلق سنحاول إثارة النقاش حول تجربة لجان الطوارئ في الأحياء التي إنتظمت مع إندلاع هذه
الحرب؛ هذا النقاش الذي سوف نقوم به سوياً وبشكل جماعي ومشترك، سيمكنا حتماً من الإجابة على سؤال ما العمل؟.