دولة الحي (٢)

لجان الطوارئ في الأحياء: آفاق التطور لسد حاجات أكبر وبفعالية أعلى:

لجان المقاومة ميزتها هي وجودها على الأرض، يكسبها ذلك كمية كبيرة من التجارب والتعلم بأصعب الطرق نسبة لانتشارها الواسع وطبيعتها إذ أن الفاعلين فيها غير ملزمين بإتباع منهجية معيّنة، تخوض اللجان التجربة وتستخلص منها ما هو صحيح وماهو خاطئ عن طريق نقاش طويل للتجربة وتقييمها، قد يرى البعض أن هذه الطريقة تكلّف اللجان زمن اطول وربما ذلك صحيح. لكن هذه الطريقة هي سبب تماسك لجان المقاومة ومحافظتها على وجودها وذلك لأن ديمقراطية اللجان المتبعة حقيقيه وليست صورية ديمقراطية تشبة واقعهم ووعيهم وطريقة تفكيرهم وكل عمل يمر بأكبر عدد من المشاركين هو بالضرورة أكثر ديمقراطية ولو أخذ من الوقت ما أخذ. وهذا السلوك المتبع من اللجان يتسق مع المطلب الرئيسى لهم وهي دولة ديمقراطية بمعناها المستقيم؛ اي السيطرة على الموارد.

من تجربة لجان الطوارئ الحالية ظهر شكلان من أشكال لجان الطوارئ شكل من لجان الطوارئ في مناطق الاشتباك وشكل من لجان الطوارئ في المناطق الآمنة نسبيا.

في المناطق الآمنة نسبيا اتخذ طابع عمل لجان الطوارئ طابعا أقرب للطابع العمل الخيري حيث حافظ سكان هذه المناطق على امتيازاتهم (المادية والاجتماعية) بشكل نسبي لذلك اصطبغت لجان الطوارئ في هذه المناطق بصبغة العمل الخيري “قلة يقدمون يد العون إلى المحتاجين الذين لا يملكون” لهذا نجد تذبذب في لجان الطوارئ في تلك المناطق ولم تأخذ منحنى الحلول الجذرية.

للتوضيح أكثر؛ السمات في المناطق الآمنة نسبيا الشبيهة بالعمل الخيري فرضتها الظروف وحجم الكارثة في المنطقة – وضع المنطقة الأمني – هو ما يحدد شكل الحوجة، ففي المناطق الآمنة نسبيا الحوجات هي الحوجات السودانية الدائمة (المأكل، المسكن والمشرب) ، المعروفة بين السودانيين ويتم سدّها بالعمل الخيري والجمعيات الخيرية كتقليد قديم وبالطبع فإن حجم هذه الحاجات قد تضخم وأصبح كارثي لكن طريقة معالجته ظلّت واحدة.

على العكس تماما نجد لجان الطوارئ في مناطق الإشتباك، ونجد أنّ الفوارق الإجتماعية والمادية قد ذابت تماما ما اعطى عمل هذه اللجان صابغ العمل التعاوني. في مناطق الإشتباك ، نجد أنّ حجم الكارثة كبير. الكل تضرر بشكل متساو أو شبه متساو حيث أدرك الناس حاجتهم إلى بعضهم البعض، حاجتهم إلى التعاون، أي مهارة تساعد على بقاء الجميع حافظ عليها الناس. لذلك كان نشاط لجان الطوارئ مستمرا وذو طابع تضامني أكبر، نسبة لظهور شيئ جديد – على عكس المناطق الآمنة نسبيا – هو “الحاجة لأي شيء” وليس فقط الحوجة القديمة الموجودة أصلا المتعلقة بالجوع والحرمان لدى البعض، وفي ظل الحاجة لأي شيئ كانت النشاطات متعلقة بأي شيئ أيضا، مثلا :

توفير عربات للحركة، توفير الجاز، تشغيل إسعاف مستشفى، إستنفار الكوادر الطبية وتوزيعهم على المراكز والمستشفيات، عملوا جداول بزمن للعمليات واصحاب الامراض المزمنة من ذوي غسيل الكلى، دوريات حراسة الحي ودفن الجثث. نشاط لأي شيء هو حوجة.

من هذا الشرح يتضح التالي:

  1. لجان المقاومة كانت النواة الأساسية في تكوين غرفة الطوارئ.
  2. الإستجابة السريعة للجان المقاومة دليل على الخبرة التراكمية المكتسبة طوال هذه الفترة.
  3. ضمت لجان الطوارئ عناصر خارج لجان المقاومة هذا دليل على قيادة لجان المقاومة للشارع وتمتعها بالمبادرة والثقة.

ما العمل؟

الشرح الطويل أو محاولة توصيف الواقع بين ( العمل الخيري والتعاوني) ليس الغرض منه تفضيل أو تقليل ما تم انجازه بل توصيف الواقع للانطلاق منه إلى مهام المرحلة القادمة:

  1. على لجان الطوارئ في المناطق الآمنة نسبيا : مزيد من العمل والتنظيم ، الإستفادة من تجارب لجان الطوارئ الأخرى وخوض نقاشات حول التجارب ، الإستعداد للقادم بتعاون كل أهل المنطقة وجميع الفئات.
  2. على لجان الطوارئ في مناطق الإشتباك التقدم أكثر والسيطرة على موارد المحلية وإعلان نفسها الدولة في الحي